صلىاللهعليهوسلم كان منصفا لأنه علم أن مستند الروم لمن استند إليه أهل الحق ، لأنهم أهل كتاب يؤمنون به ، لكنهم طرأت عليهم شبهة من تحريف أئمتهم ما أنزل عليهم حالت بينهم وبين الإقرار والإيمان بنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم.
(فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (٣)
وفي قراءة غلبت بفتح الغين واللام (سَيَغْلِبُونَ) بضم الياء وفتح اللام ، وهذه القراءة تشير إلى زمان فتح بيت المقدس ، حيث كان ظهور المسلمين في أخذ حج الكفار عام ثلاث وثمانين وخمسمائة هجرية ، أما الإشارة إلى زمان فتح بيت المقدس فهو يعرف من عدد حروف (الم) وهو علم الجمّل ، وذلك بأن تأخذ عدد حروف (الم) بالجزم الصغير ، فتكون ثمانية فتجمعها إلى ثمانية (في بضع سنين) فتكون ستة عشر ، فتزيل الواحد الذي للألف للأس ، فيبقى خمسة عشر ، فتمسكها عندك ، ثم ترجع إلى العمل في ذلك بالجمل الكبير وهو الجزم ، فتضرب ثمانية البضع في أحد وسبعين ، واجعل ذلك كله سنين ، يخرج لك من الضرب خمسمائة وثمانية وستون ، فتضيف إليها الخمسة عشر التي رفعتها ، فتصير ثلاثة وثمانين وخمسمائة سنة ، وهو زمان فتح بيت المقدس ، وكان أبو الحكم عبد السلام ابن برجان قد ذكر ذلك في كتاب له ، فكان فتح بيت المقدس كما قال :
(فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) (٤)
(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) القبل والبعد من صيغ الزمان ، فلا بد أن يكون الزمان أمرا متوهما لا وجودا ، ولهذا أطلقه الحق على نفسه ، ولو كان الزمان أمرا وجوديا في نفسه ما صح تنزيه الحق عن التقييد ، إذ كان حكم الزمان يقيده ، فعرفنا أن هذه الصيغ ما تحتها أمر وجودي فالزمان هو ما يدخل الأزل من التقديرات الزمانية فيه ، بتعيين توجهات الحق لإيجاد الكائنات في الأزمان المختلفات التي يصحبها القبل والبعد والآن. (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ)
(بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥) وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ