(كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) وهو ثقل الأسباب الدنيوية التي تصرفه عن الآخرة.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (١٠)
(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) الإنسان قطب الفلك وهو العمد ، ألا تراه إذا انتقل من الدنيا خربت ، وزالت الجبال وانشقت السماء وانكدرت النجوم ، فالإنسان هو العين المقصودة ، فهو مجموع الحكم ، ومن أجله خلقت الجنة والنار ، والآخرة والأحوال كلها والكيفيات ، وفيه ظهر مجموع الأسماء الإلهية وآثارها ، وهو المكلف المختار ، وهو المجبور في اختياره ، وله يتجلى الحق بالحكم والقضاء والفصل ، وعليه مدار العالم كله ، ومن أجله كانت القيامة ، وبه أخذ الجان ، وله سخر ما في السموات والأرض ، ففي حاجته يتحرك العالم كله علوا وسفلا دنيا وآخرة ، فالإنسان الكامل عمد السماء الذي يمسك الله بوجوده السماء أن تقع على الأرض ، فإذا زال الإنسان الكامل وانتقل إلى البرزخ هوت السماء وانشقت (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) خلق الله الأرض مثل الكرة أجزاء ترابية وحجرية ، وضم الله بعضها إلى بعض ، فلما خلق الله السماء بسط الأرض بعد ذلك ليستقر عليها من خلقت له مكانا ، ولذلك مادت ، فخلق سبحانه الجبال فقال بها عليها دفعة واحدة ، فكل ما تراه عاليا شامخا فيها فهو جبل ووتد ، ثقّلها الله به ليسكن ميدها.
(هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١١)
إن الخلق يراد به المخلوق في موضع مثل قوله : (هذا خَلْقُ اللهِ) فإن الفعل قد يكون نفس المفعول بالشيئية والأشياء ، فقوله تعالى : (هذا خَلْقُ اللهِ) أي مخلوق الله.