(فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (١٥)
(إِنَّما) إن حرف تحقيق وتنكير (يُؤْمِنُ بِآياتِنَا) يقول : إن الذي يصدق بآياتنا أنها آيات نصبن ، لها دلالات على وجودنا وصدق أرسالنا ، ما هي عن همم نفوسهم هم (الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها) والتذكر لا يكون إلا عن علم غفل عنه أو نسيان من عاقل ، يقول : إنها مدركة بالنظر العقلي أنها دلالات على ما نصبناها عليه (خَرُّوا سُجَّداً) فإذا ذكروا بها وقعوا على وجوههم (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) فنزهوا ربهم بما نزه به نفسه على ألسنة رسلهم (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) ولم يعطهم العلم الأنفة عن ذلك ، فيفرق بين مدارك عقله وما يعطيه نظره وبين ما يعطيه إيمانه ، فينزه ربه إيمانا وعقلا ، ويأخذ العلم والحكمة حيث وجدها.
(تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (١٦)
(تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) فإن الثواب لهم مشهود ، والقيامة وأهوالها والجنة والنار مشهودتان ، شغلهم هول المعاد عن الرقاد ، فياليت شعري من أقامهم من المضاجع حين نوّم غيرهم؟ أترى ذلك من نفوسهم؟ لا والله ، بل هو خلق فيهم طاعته ، وأثنى عليهم بأنهم أطاعوه ، فقال : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فمما رزقهم التجافي عن المضاجع وعن دار الغرور ، ومما رزقهم الدعاء والابتهال ، ومما رزقهم الخوف منه والطمع فيه ، فأنفقوا ذلك كله عليه فقبله منهم ـ إشارة ـ من باب (يحبهم ويحبونه).
نادى الحبيب : من الذي |
|
بالباب؟ قلت : فتى دعي |
قال : ادعى هل شاهد |
|
يدريه؟ قلت له : معي |
إن كنت أكذب سيدي |
|
حسبي شهادة أدمعي |
وتسهدي وتبلدي |
|
وتوجعي وتفجعي |
وتلهفي وتحيري |
|
وتسرعي بتشرعي |