وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) (٢٢)
الإعراض عن الآيات التي نصبها الحق دلائل عليه دليل على عدم الإنصاف واتباع الهوى المردي ، وهو علة لا يبرأ منها صاحبها بعد استحكامها حتى يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب ، فعند ذلك يريد استعمال الدواء فلا ينفع ، كالتوبة عند طلوع الشمس من مغربها ، لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، والإيمان عند حلول البأس وعند الاحتضار والتيقن بالمفارقة.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) (٢٦)
اعلم أن الله ما ذكر أخبار القرون الماضية إلا لنكون على حذر من الأسباب التي أخذهم الله بها أخذته الرابية ، وبطش بهم البطش الشديد ، وأما الموت فأنفاس معدودة وآجال محدودة ، وليس الخوف إلا من أخذه وبطشه لا من لقائه ، فإن لقاءه يسر الولي ، والموت سبب اللقاء ، فهو أسنى تحفة يتحفها المؤمن ، فكيف به إذا كان عالما؟ بخ على بخ.