قول الصديق الأكبر : العجز عن درك الإدراك إدراك ؛ فما رأى شيئا عند ذلك إلا ورأى الله قبله ، فرجوعهم سفر لاقتناص علوم لم ينالوها في العروج ، فما لهم غاية يقفون عندها ، فهم يظهرون في كل مرتبة بما تقتضيه تلك المرتبة ، وإذا تكمل العبد كانت المراتب عنده على السواء ، ومتى نسبت الشخص إلى مقام بعينه فقد رجحته في ذلك المقام ، وإذا كان حكمه في كل مقام حكمه في الباقي كان ذلك عظيما.
نفي المقام هو المكان وإنه |
|
لليثربي بسورة الأحزاب |
من كان فيه يكون مجهولا لذا |
|
ما ناله أحد بغير حجاب |
رب المكان هو الذي يدعى إذا |
|
دعي الرجال بسيد الأحباب |
وله الوسيلة لا تكون لغيره |
|
وهو المقدّم من أولي الألباب |
وهو الإمام وما له من تابع |
|
وهو المصرف حاجب الحجاب |
اعلم أن عبور المقامات والأحوال هو من خصائص المحمديين ، ولا يكون إلا لأهل الأدب ، جلساء الحق على بساط الهيبة مع الأنس الدائم ، لأصحابه الاعتدال والثبات والسكون ، غير أن لهم سرعة الحركات في الباطن في كل نفس ، فترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مرّ السحاب ، إن تجلّى لهم الحق في صورة محدودة أطرقوا ، فرأواه في إطراقهم مقلبا أحوالهم على غير الصورة التي تجلى لهم فيها فأورثهم الإطراق ، فهم بين تقييد وإطلاق ، لا مقام يحكم عليهم ، فإنه ما ثمّ ، فهم أصحاب مكان في بساط النشأة ، وهم أصحاب مكانة في عدم القرار ، فهم من حيث مكانتهم ومن حيث مكانهم ثابتون ، فهم بالذات في مكانهم وهم بالأسماء في مكانتهم ، والمكان ثبوت في المكانة ، فمن الأسماء لهم المقام المحمود ، والمكانة الزلفى في اليوم المشهود ، والزور والوفود ، ومن الذات لهم المكان المحدود والمعنى المقصود والثبات على الشهود وحالة الوجود ، ورؤيته في كل موجود ، في سكون وخمود ، والأمر الحقيقي للمكانة فإنه لا يصح الثبوت على أمر واحد في الوجود ، فالمكان ثبوت في المكانة كما نقول في التمكين : إنه تمكين في التلوين ، لا أن التلوين يضاد التمكين. ـ نصيحة ـ لا راحة مع الخلق ، فارجع إلى الحق فهو أولى بك ، إن عاشرتهم على ما هم عليه بعدت منه ، فإنهم على ما لا يرضاه ، وإن لم تعاشرهم وقعوا فيك ، فلا راحة.