(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (٣٥)
نعت الله أقواما من النساء والرجال بصفات ومنزلة ، فما نعتهم الله بهذه النعوت سدى ، والمتصفون بهذه الأوصاف قد طالبهم الحق بما تقتضيه هذه الصفات ، وما تثمر لهم من المنازل عند الله ، فقال تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) وهؤلاء تولاهم الله بالإسلام وهو انقياد خاص لما جاء من عند الله لا غير ، فإذا وفّى العبد الإسلام بجميع لوازمه وشروطه وقواعده فهو مسلم ، وإن انتقص شيئا من ذلك فليس بمسلم فيما أخلّ به من الشروط ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده] واليد هنا بمعنى القدرة ، أي سلم المسلمون مما هو قادر على أن يفعل بهم مما لا يقتضيه الإسلام ، من التعدي لحدود الله فيهم ، فأتى بالأعم ، وذكر اللسان لأنه قد يؤذي بالذكر من لا يقدر على إيصال الأذى إليه بالفعل ، وهو البهتان هنا خاصة لا الغيبة ، فإنه قال : المسلمون ولو قال : الناس لدخلت الغيبة وغير ذلك من سوء القول ، فلم يثبت الشارع الإسلام إلا لمن سلم المسلمون ، وهم أمثاله في السلامة ، فالمسلمون هم المعتبر في هذا الحديث ، وهم المقصود ، فإن المسلمين لا يسلمون من لسان من يقع فيهم إلا حتى يكونوا أبرياء مما نسب إليهم ، ولذلك فسرناه بالبهتان ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : [إذا قلت في أخيك ما ليس فيه فذلك البهتان ، وفي رواية فقد بهته] فخاب سهمك الذي رميته به ، فإنه ما وجد منفذا ، فإنك نسبت إليه ما ليس هو عليه ، فسماهم الله مسلمين ، فمن وقع فيمن هذه صفته فليس بمسلم ، لأن ذلك الوصف الذي وصف المسلم به ورماه به ولم يكن المسلم محلا له عاد على قائله ، فلم يكن الرامي له بمسلم ، فإنه ما سلم مما قال إذ عاد عليه سهم كلامه الذي رماه به ، قال صلىاللهعليهوسلم : [من قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما] وقال تعالى في حق قوم قيل لهم : (آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ