أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٧)
ابتلى الله نبيه صلىاللهعليهوسلم بنكاح زوجة من تبناه ، وكان لو فعله عند العرب مما يقدح في مقامه ، وهو رسول الله ، وما بعثه الله تعالى إلا ليتمم مكارم الأخلاق ، فأحواله كلها مكارم أخلاق ، فهو مبين لها بالحال ، والرجل الكامل واقف مع ما تمسك عليه المروءة العرفية حتى يأتي أمر الله الحتم ، فإنه بحسب ما يؤمر ، فإن كان عرضا نظر إلى قرائن الأحوال ، فإن كانت قرينة الحال تخيره بقي على الأمر العرفي الذي يشهد له بمكارم الأخلاق ، ولذلك قال : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) فهو واقف مع حكم الله ، وكانت خشيته صلىاللهعليهوسلم حتى لا ترد دعوة الحق ، فأبان الله لهم عن العلة في ذلك ، وهو رفع الحرج عن المؤمنين في مثل هذا الفعل ، وكل معلل علّه الحق فإنه واقع ، كما أنه كل ترج من الله واقع.
(ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (٣٨)
الكامل له الوجود والجلال والهيبة ، لأن موطن الحكم عند المتحقق الكامل لا ينبغي أن يلحظ فيه الإرادة العاصية ، وإنما ينبغي أن يلحظ فيه الإرادة الآمرة ، ومرتبة الآمر من كونه آمرا لا من كونه مريدا ، فالنبي واقف مع حكم الله (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) وهكذا المؤمن الكامل الإيمان ما هو مع الناس ، وإنما هو مع ما يحكم الله به على لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم الذي بالإيمان به ثبت الإيمان له.
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٣٩) ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٤٠)