يلزم ذلك في اللفظ ، بل له خبر ظاهر لا في اللفظ ، كإضافة إلى تنزيه أو ثناء بفعل ، ومعلوم أنه إذا ذكر أمر ما ، وكرر على طريق التأكيد له ، أنه يعطي من الفائدة ما لا يعطيه من ليس له هذا الحكم ، فمن هذه الآية وأمثالها ومن الحديث الذي ذكرناه ، رجّح أهل الله ذكر لفظة الله الله ، وذكر لفظه (هو) على الأذكار التي تعطي النعت ، ووجدوا لها فوائد ؛ واعلم أن الذكر ليس بأن تذكر اسمه ، بل لتذكر اسمه من حيث ما هو مدح له وحمد ، إذ الفائدة ترتفع بذكر الاسم من حيث دلالته على العين ، وما قصد أهل الله بذكرهم الله الله نفس دلالة اللفظ على العين ، وإنما قصدوا هذا الاسم أو الهو ، من حيث أنهم علموا أن المسمى بهذا الاسم أو هذا الضمير هو من لا تقيده الأكوان ومن له الوجود التام ، فإحضار هذا في نفس الذاكر عند ذكر الاسم بذلك وقعت الفائدة ، فإنه ذكر غير مقيد ، فإذا قيده بلا إله إلا الله لم ينتج له إلا ما تعطيه هذه الدلالة ، وإذا قيده بسبحان الله لم يتمكن أن يحضر إلا مع حقيقة ما يعطيه التسبيح ، وكذلك الله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وكل ذكر مقيد لا ينتج إلا ما تقيد به ، لا يمكن أن يجني منه ثمرة عامة ، فإن حالة الذاكر تقيده ، وقد عرفنا الله أنه ما يعطيه إلا بحسب حاله في قوله : [إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي] ـ الحديث ـ فلهذا رجحت الطائفة ذكر لفظة الله وحدها أو ضميرها من غير تقييد ، فما قصدوا لفظة دون استحضار ما يستحقه المسمى ، وبهذا يكون ذكر الحق عبده باسم عام لجميع الفضائل اللائقة به ، التي تكون في مقابلة ذكر العبد ربه بالاسم الله ، فالذكر من العبد باستحضار والذكر من الحق بحضور ، لأنا مشهودون له معلومون ، وهو لنا معلوم لا مشهود ، فلهذا كان لنا الاستحضار وله الحضور ـ شروط الذكر ـ قوله تعالى : (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً). ما قيّد حال طهارة من حال ، فكما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : [إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر ، أو قال : على طهارة] فقد قال صلىاللهعليهوسلم : [الحمد لله على كل حال] وقالت عائشة رضي الله عنها : [كان النبي صلىاللهعليهوسلم يذكر الله على جميع أحواله لا تمنعه إلا الجنابة] لذلك فإن الذكر في طريق الله لا يختص بالقول فقط ، بل تصرف العبد إذا رزق التوفيق في جميع حركاته ، لا يتحرك إلا في طاعة الله تعالى من واجب أو مندوب إليه ، ويسمى ذلك ذكرا لله ، أي لذكره في ذلك الفعل أنه لله بطريق القربة سمي ذكرا ، لذلك قالت عائشة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إنه كان يذكر الله على كل أحيانه] فعمّت جميع أحواله