وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (٤٣)
مسمى الصلاة يضاف إلى ثلاثة وإلى رابع ثلاثة بمعنيين ، بمعنى شامل وبمعنى غير شامل ، فتضاف الصلاة إلى الحق بالمعنى الشامل ، والمعنى الشامل هو الرحمة ، فإن الله وصف نفسه بالرحيم ووصف عباده بها فقال : (أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إنما يرحم الله من عباده الرحماء] قال تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) أي يرحمكم بأن يخرجكم من الظلمات إلى النور ، يقول من الضلالة إلى الهدى ، ومن الشقاوة إلى السعادة ، وتضاف إلى الملائكة بمعنى الرحمة والاستغفار والدعاء للمؤمنين ، قال تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) فصلاة الملائكة ما ذكرناها ، قال الله عزوجل في حق الملائكة (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) ويقولون : (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) اللهم استجب فينا صالح دعاء الملائكة ، وتضاف الصلاة إلى البشر بمعنى الرحمة والدعاء والأفعال المخصوصة المعلومة شرعا ، فجمع البشر هذه المراتب المسماة صلاة ، قال تعالى آمرا لنا : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) وتضاف الصلاة إلى كل ما سوى الله من جميع المخلوقات ملك وإنسان وحيوان ونبات ومعدن بحسب ما فرضت عليه وعيّنت له ، قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) فأضاف الصلاة إلى الكل والتسبيح ، أما قوله تعالى هنا : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) فتفسيره من وجوه ـ الوجه الأول ـ (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) الصلاة المنسوبة إلى الحق هي رحمته بعباده ، فأخبر أنه يصلي علينا ، والمفهوم من هذا أمران : الأمر الواحد أنه يصلي علينا فينبغي لنا أن نذكره بالمدح والثناء ونصلي له بكرة وأصيلا ، والأمر الآخر أنكم إذا صليتم وذكرتم الله فإنه يصلي عليكم ، فإنه لما أمرنا بالذكر والصلاة قال : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) فصلاتنا وذكرنا له سبحانه بين صلاتين من الله تعالى ، صلى علينا فصلينا فصلى علينا ، فمن صلاته الأولى علينا صلينا له ، ومن صلاته الثانية علينا كانت السعادة لنا بأن جنينا ثمرة صلاتنا له وذكرنا ، لذلك جاءت إقامة الصلاة المفروضة بالفعل الماضي [قد قامت الصلاة] أراد قيام صلاة الله على العبد ليقوم العبد إلى الصلاة ، فيقيم بقيامه نشأتها ـ الوجه الثاني ـ (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) أي يؤخر ذكره عن ذكركم