آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (٥٥)
وهو رؤية عباده في حركاتهم وتصرفاتهم ، فشهوده لكل شيء هو إحسانه ، فإنه بشهوده يحفظه من الهلاك.
(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٥٦)
قال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) فعمنا كلنا والنبي صلىاللهعليهوسلم من جملتنا ، وأفرد نفسه في ذلك كما أفرد ملائكته بالصلاة على العباد وفيهم النبي ، فلجميع الخلق توحيد الصلاة من الله وتوحيد الصلاة من الملائكة ، وخصّ النبي صلىاللهعليهوسلم وحده فيما أخبرنا به بقوله : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) فهي خصوص صلاة فإن الضمير في قوله : (يُصَلُّونَ) يجمع الحق والملائكة ، فتميز النبي صلىاللهعليهوسلم على سائر البشر بمرتبة لم يعطها أحد سواه ، بأن جمع له بصلاة جامعة اشترك فيها الله وملائكته ، ومعلوم أن الصلاة في الجمعية ما هي الصلاة في حال الإفراد فإن الحالتين متميزتان ، ففاز النبي صلىاللهعليهوسلم بهذه الصلاة ، فثبت شرفه صلىاللهعليهوسلم على سائر البشر في هذه المرتبة ، فإنه شرف محقق الوجود بالتعريف ، وإن ساواه أحد ممن لم نعرّف به فذلك شرف إمكاني ، فتعين فضله بالتعيين على من لم يتعين ، وإن كان قد صلى عليه مثل هذا في نفس الأمر ولم نخبر ، فثبت له الفضل بكل حال ، ويتضح في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) أنه لو لم يكن من شرف الملائكة على سائر المخلوقات إلا جمع الضمير في (يُصَلُّونَ) بينهم وبين الله لكفاهم ، وما احتيج بعد ذلك إلى دليل آخر ، ونصب الملائكة بالعطف حتى يتحقق أن الضمير جامع للمذكورين قبل ، ولا يتمكن للملائكة أن تلحق صلاة الله على عبده ، فإنها لا تتعدى مرتبتها ، فيكون الحق ينزل في هذه الصلاة إلى صلاة الملائكة لأجل الضمير الجامع ، فتكون صلاة الله على