(٣٤) سورة سبا مكيّة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) (٢)
ـ إشارة لا تفسير ـ على الإنسان أن يعلم ما يلج في أرض طبيعته من بذر ما بذر الله فيها حين سواها وعدلها ، وما يخرج منها من العبارات عما فيها ، والأفعال العملية الصناعية على مراتبها ، لأن الذي يخرج عن الأرض مختلف الأنواع ، وذلك زينة الأرض ، فما يخرج عن أرض طبيعة الإنسان وجسده فهو زينة له ، من فصاحة في عبارة وأفعال صناعية محكمة ، كما يعلم ما ينزل من سماء عقله ، بما ينظر فيه من شرعه في معرفة ربه ، وذلك هو التنزيل الإلهي على قلبه ، وما يعرج فيها من كلمه الطيب على براق العمل الصالح الذي يرفعه إلى الله ، كما قال تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) وهو ما خرج من الأرض (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) وهو ما أخرجته الأرض أيضا ، فالذي ينزل من السماء هو الذي يلج في الأرض ، والذي يخرج من الأرض ، وهو ما ظهر عن الذي ولج فيها ، هو الذي يعرج في السماء ، فعين النازل هو عين الوالج ، وعين الخارج هو عين العارج.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ