قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) (٢٦)
من الفتح الإلهي النصر على الأعداء والقهر لهم ، والرحمة بالأولياء والعطف عليهم.
(قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٢٨)
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً) من الكفت وهو الضم (لِلنَّاسِ) فضمت شريعته جميع الناس ، فلا يسمع به أحد إلا لزمه الإيمان به ، وضمت شريعته الجن والإنس فعم بشريعته الإنس والجن ، وكانت باللسان العربي فعم كل لسان ، فنقل شرعه بالترجمة فعم اللغات ، ولم يكن ذلك لغيره صلىاللهعليهوسلم ، وكانت الأنبياء في العالم نواب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لأن الناس من آدم إلى آخر إنسان ، وقد أبان صلىاللهعليهوسلم عن هذا المقام بأمور ، منها قوله صلىاللهعليهوسلم [والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني] وقوله في نزول عيسى ابن مريم في آخر الزمان : إنه يؤمنا ـ أي يحكم فينا ـ بسنة نبينا عليهالسلام ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ولو كان محمد صلىاللهعليهوسلم قد بعث في زمان آدم لكانت الأنبياء وجميع الناس تحت حكم شريعته إلى يوم القيامة حسا ، فجميع الأنبياء هم أرساله ونوابه في الأرض لغيبة جسمه ، ولو كان جسمه موجودا ما كان لأحد شرع معه ، ولهذا لم يبعث عامة إلا هو خاصة ، فهو الملك والسيد ، وكل رسول سواه فبعث إلى قوم مخصوصين ، فلم تعم رسالة أحد من الرسل سوى رسالته صلىاللهعليهوسلم ، فمن زمان آدم عليهالسلام إلى زمان بعث محمد صلىاللهعليهوسلم إلى يوم القيامة ملكه ، وتقدمه في الآخرة على جميع الرسل وسيادته فمنصوص على ذلك في الصحيح عنه ، مثل قوله : [أنا سيد الناس يوم القيامة] بإخباره إيانا بالوحي الذي أوحي به إليه ، وقوله : [أنا سيد ولد آدم ولا فخر] بالراء وفي رواية بالزاي وهو التبجح بالباطل ، فثبتت له السيادة والشرف على أبناء جنسه من البشر ، فمحمد صلىاللهعليهوسلم بعث إلى الناس كافة بالنص ، ولم يقل : أرسلناك إلى هذه الأمة خاصة ، ولا إلى أهل هذا الزمان إلى يوم القيامة خاصة ، وإنما أخبره أنه مرسل إلى الناس كافة ، والناس من آدم إلى يوم القيامة ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [كنت نبيا وآدم بين الماء