الزينة التي كانت عليه وحببته إليّ؟ ترد عليه ، فإني ما تعلقت إلا بالزينة لا به ، لكن لما كان محلها كان حبي له بحكم التبع ، فيقول الله : صدق عبدي لو لا الزينة ما استحسنه ، فردوا عليه زينته ، فيبدل الله سوءه حسنا ، فيرجع حبه فيه إليه ويتعلق به (أولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات) فلا ينبغي للمؤمن الكيس أن يهمل شيئا من كلام الله ولا كلام المبلغ عن الله ، فإن الله تعالى يقول فيه (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) فإن كلام المبلغ عن الله ما جاء به إلا رحمة بالسامع ، وهو إن كان فطنا كان له ، وإن كان حمارا كان عليه ـ نصيحة ـ إن الإنسان إذا كان في شيء لم ير حقيقته ومعناه ، وإذا صار عنه أجنبيا رآه ، والنفس إذا التبست بشهوتها وغرضها ، وتعشقت بعلّتها ومرضها ، لا ترى سوى ما هي فيه ، ولهذا تصطنعه وتصطفيه ، فانظر إلى ما يستقبحه الشرع فاجتنبه ، وإلى ما يستحسنه فبادر إليه وامتثله ، ولا يغرنك غدّار ، مدخول النصيحة غرار ، فعليك باتباع العلم ، والاستسلام للشيخ فيما وجّه عليك من الحكم ، وطهارة النفس ، ومحاسن الأخلاق ، وجميل الوفاق
(وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) (١٠)
(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) ـ الوجه الأول ـ (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) وهو عين شكل الكلمة من حيث ما هو شكل مسبح لله تعالى ، ولو كانت كلمة كفر ، فإن ذلك يعود وباله على المتكلم بها لا عليها ، فإن الحروف اللفظية تتشكل في الهواء ، فإذا تشكلت قامت بها أرواحها ، فيكون شغلها تسبيح ربها ، وتصعد علوا إليه ، فقوله تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) أي الأرواح الطيبة فإنها كلمات الله مطهرة ، هذا كلام الله سبحانه يعظّم ويمجّد ويقدّس ـ المكتوب في المصاحف ـ ويقرأ على جهة