البياض ، وهو بمنزلة النور الذي يكشف به.
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (١٣)
بالفلك المدار ظهرت الدهور والأعصار ، وبالشمس ظهر الليل والنهار ، من خفايا الأمور المد والجزر في الأنهار والبحور ، أمن القمر مدّه وجزره؟ أم من غير ذلك فكيف أمره؟ هو عبد مأمور مثل سائر الأمور ، مدّه ماد الظل ، ونزّله منزل الوبل والطل ، لا شك أن الأمور معلولة ، والكيفية من الله مجهولة ، والنفوس على طلب العلم به مجبولة.
(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (١٥)
لما سبق في علمه تعالى أنه يخلق قوما ويخلق فيهم السؤال إلى الأغيار ، ويحجبهم عن العلم به أنه هو المسؤول في كل عين مسؤولة يفتقر إليها ، من جماد ونبات وحيوان وملك وغير ذلك ، أخبر أن الناس فقراء إلى الله ، أي هو المسؤول على الحقيقة ، فإنه بيده ملكوت كل شيء ، فالفقر إلى الله هو الأصل فقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) فنحن فقراء إلى أسمائه ، ولذلك أتى بالاسم الجامع للأسماء الإلهية ، والافتقار في كل ما سوى الله أمر ذاتي لا يمكن الانفكاك عنه ، ولذلك كان الافتقار إلى الله حالا وعقدا دون غيره سبحانه ، ففي هذا الخطاب تسمية الله بكل اسم هو لمن يفتقر إليه فيما يفتقر إليه ، وهو من باب الغيرة الإلهية حتى لا يفتقر إلى غيره ، والشرف فيه إلى العالم بذلك ، فإن من الناس من افتقر إلى الأسباب الموضوعة كلها ، وقد حجبتهم في العامة عن الله ، وهم على الحقيقة ما افتقروا في نفس الأمر إلّا إلى من بيده قضاء حوائجهم وهو الله ، ولهذا قال بعض العلماء بأن الله