(قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (٥٢)
(هذا) لها وجه تعلق إلى (ما) ، ووجه إلى (مَرْقَدِنا).
(إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤) إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) (٥٧)
لو لا حشر الأجسام في الآخرة لقامت بنفوس الزهاد والعارفين في الآخرة حسرة الفوت ، ولتعذبوا لو كان الاقتصار على الجنات المعنوية لا الحسية ، فخلق الله في الآخرة جنة حسية وجنة معنوية ، وأباح لهم في الجنة الحسية ما تشتهي أنفسهم ، ورفع عنهم ألم الحاجات ، فشهواتهم كالإرادة من الحق إذا تعلقت بالمراد تكون ، فما أكل أهل السعادة لدفع ألم الجوع ، ولا شربوا لدفع ألم العطش ولما اشتغلوا هنا بالله من حيث ما كلفهم ـ فهم يجزون في الأمور بالميزان الذي حدّ لهم ، خائفين من أن يطففوا أو يخسروا الميزان ـ جعل لهم سبحانه الاشتغال في الآخرة بالجنة الحسية لأجسامهم الطبيعية ، والعارفون وغير العارفين في هذه الصورة الحسية على السواء ، ويفوز العارفون بما يزيدون عليه من جنات المعاني ، والاشتغال بالشهوات هنا منع العامة وعلماء الرسوم في الدنيا والآخرة ، وأهل الله معهم من حيث نفوسهم النباتية والحيوانية في هذا الشغل ، وهم مع الله من وجه آخر ، فكما أنه ما حجبهم في الدنيا ما هم عليه من الحاجة إلى الغذاء مع قوة سلطانه في الدنيا لدفع الآلام ، آلام الجوع والعطش والإحساس بأنواع الأشياء المؤلمة ، كذلك لا يحجبهم في الآخرة نعيم الجنان المحسوس عن الله في الاتصاف بأسمائه التي تليق بالدار الآخرة ، لأن لها أسماء لا يعلمها اليوم أحد أصلا.