(سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨) وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) (٥٩)
المجرمون هم الذين يدخلون النار بالاستحقاق خاصة ، بأن يكونوا أهلا لسكنى هذه الدار التي هي جهنم ، من جن وإنس ، وهم أهلها الذي يعمرونها فلا يخرجون منها أبدا ، ولهذا يقال لهم يوم القيامة (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) أي أهل الاستحقاق الذين يستحقون سكنى هذه الدار ، يمتازون عن الذين يخرجون منها بشفاعة الشافعين وسابق العناية الإلهية في الموحدين إلى الدار الآخرة وهي الجنة ، فإنه ما عدا المجرمين وإن دخلوا النار فلا بد أن يخرجوا منها بشفاعة الشافعين ، أو بمنة الله عليهم ، وهم الذين ما عملوا خيرا قط ، وهؤلاء المجرمون أربع طوائف ، كلها في النار لا يخرجون منها ، وهم المتكبرون على الله كفرعون وأمثاله ممن ادعى الربوبية لنفسه ونفاها عن الله ، وكذلك نمرود وغيره ، والطائفة الثانية المشركون ، وهم الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، والطائفة الثالثة المعطلة وهم الذين نفوا الإله جملة واحدة فلم يثبتوا إلها للعالم ، والطائفة الرابعة المنافقون وهم الذين أظهروا الإسلام من إحدى هذه الطوائف للقهر الذي حكم عليهم ، فخافوا على دمائهم وأموالهم وذراريهم ، وهم في نفوسهم على ما هم عليه من اعتقاد ، فهؤلاء أربعة أصناف هم الذين هم أهل النار لا يخرجون منها من جن وإنس ، قالت عائشة : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : نعم إذا كثر الخبث بالمدينة ، فيعم الهلاك الصالح والطالح ، ويمتازون في القيامة.
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٦٥)