الدرك من النار ، فإذا سقط الإنسان من العمل بما أمر فلم يعمل ، كان ذلك الترك لذلك العمل عين سقوطه إلى ذلك الدرك ، قال تعالى : (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) فالاطلاع على الشيء من أعلى إلى أسفل ، والسواء حد الموازنة على الاعتدال ، فما رآه إلا في ذلك الدرك الذي في موازنة درجته ، فإن العمل الذي نال به هذا الشخص تلك الدرجة تركه هذا الشخص الآخر الذي كان قرينه في الدنيا بعينه.
(قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) (٥٦)
معاتبة على قوله له في الدنيا (ما أظن الساعة قائمة).
(وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) (٥٧)
ـ نصيحة ـ لا تصاحب أحدا إلا من ترى معه الزيادة في دينك ، فإن نقص منه فاهرب منه كهروبك من الأسد بل أشد ، فإن الأسد يهدم دنياك فيعطيك الدرجات ، وقرين السوء يحرمك الدنيا والآخرة.
(أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٦٠)
اعلم أن أحدا لا يؤاخذه على ما جناه سوى ما جناه ، فهو الذي آخذ نفسه ، فلا يلومن إلا نفسه ، ومن اتقى مثل هذا فقد فاز فوزا عظيما.
(لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) (٦١)
إذ ولا بد من إضافة العمل إلينا ، فإن الله أضاف الأعمال إلينا ، وعيّن لنا محالها وأماكنها وأزمنتها وأحوالها ، وأمرنا بها وجوبا وندبا وتخييرا ، كما أنه نهانا عزوجل عن أعمال معينة عيّن لها محالها وأماكنها وأزمانها وأحوالها ، تحريما وتنزيها ، وجعل لذلك كله جزاء بحساب