وبصره ولسانه ويده ورجله وغير ذلك] قولا شافيا ، لأنه ذكر أحكامها فقال : [الذي يبطش بها ويسعى بها ويتكلم به ويسمع به ويبصر به ويعلم] ومعلوم أنه يسمع بسمعه أو بذاته يسمع ، وعلى كل حال فجعل الحق هويته عين سمع عبده وبصره ويده وغير ذلك ، والملك مع علمه بذلك يقول : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) والجن يقول : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) والرسول يقول : (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به) ومن الناس من يقول : (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) والسموات والأرض والجبال تأبى وتشفق من حمل الأمانة وتقول : (أتينا طائعين) وقال الهدهد : (أحطت) علما (بما لم تحط به) وقالت نملة : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ) وقال الله : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) وقالت الجلود : (أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) وقال : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) فما ترك شيئا من المخلوقات إلا وأضاف الفعل إليه ، فما في العالم إلا من نسب الفعل إليه ، أي إلى نفسه ، مع علم العلماء بالله أن الفعل لله لا لغيره ، والله يقول : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) فأضاف العمل إليهم وهو خالقه وموجده ، أعني العمل ، فهذه المسئلة لا يتخلص فيها توحيد أصلا ، لا من جهة الكشف ولا من جهة الخبر ، فالأمر مربوط بين حق وخلق ، وما ثمّ عقل يدلّ على خلاف هذا ، ولا خبر إلهي في شريعة تخلص الفعل من جميع الجهات إلى أحد الجانبين ، وما ثمّ إلا كشف وشرع وعقل ، وهذه الثلاثة ما خلصت شيئا ولا يخلص أبدا دنيا ولا آخرة ـ من باب الإشارة لا التفسير ـ قال أهل الإشارة «ما» هنا نافية. فمن كرم الله سبحانه وتعالى أن يخلق في عباده طاعته ويثني عليهم بأنهم أطاعوا الله ورسوله ، وما بأيديهم من الطاعة شيء ، غير أنهم محل لها ، فمن كرمه أنه أثنى عليهم بخلق هذه الصفات والأفعال فيهم ومنهم ، ثم أثنى عليهم بأن أضاف ذلك كله إليهم ، إذ كانوا محلا للصفات المحمودة شرعا ، فهذه أعظم آية وردت في ثبوت الحيرة في العالم ، فمن وقف مع المقالة المشروعة وجعل لها الحكم على ما أعطاه النظر العقلي من نقيض ما دل عليه الشرع ، فذلك السالم الناجي ، ومن زاد على الوقوف العمل بالتقوى ، جعل الله له فرقانا يفرق به بين أصحاب النحل والملل وما تعطيه الأدلة العقلية ، التي تزيل حكم الشرع عند القائل بها ، فيتأولها ليردها إلى دليل عقله ، فهو على خطر وإن أصاب ، فعليك بفرقان التقوى فإنه عن شهود وصحة وجود ـ لطيفة ـ (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما