مسؤولا ، وإسحاق موهوب ، فلما كان إسماعيل قد جمع له بين الكسب والوهب في العطاء ، فكان مكسوبا موهوبا لأبيه فكانت حقيقة كاملة ، لذلك كان محمد صلىاللهعليهوسلم في صلبه ، فكانت في شريعتنا ضحايانا فداء لنا من النار.
(فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) (١٠٣)
ـ إشارة ـ اتخذ إبراهيم عليهالسلام ابنه قربانا ، ليصح كرمه حقيقة وبرهانا ، فإنه قصد قرى الواحد المالك ، وذلك أنه لما نزل إلى قلبه ، تعينت عليه ضيافة ربه ، ولم يضفه بنفسه دون غيره ، لأنه لم يكن له فيها منازعون ينازعونه ، فإن نفسه لم يكن له فيها منازع ، وأما الولد فكانت أمه تنازعه فيه ، والنفس تنازع فيه من نسبة الأبوة ، والعجلة من الشيطان إلا في خمسة ، منها تقديم الطعام للضيف ، لذا بادر إبراهيم إلى ضيافة ربه بولده.
(وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (١٠٥)
وما قال له : صدقت في الرؤيا أنه ابنك ، لأنه ما عبّرها ، بل أخذ بظاهر ما رأى ، والرؤيا تطلب التعبير ، فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه ، وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده ، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده.
(إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) (١٠٦)
أي الاختبار المبين ، أي الظاهر ، ويعني الاختبار في العلم ، هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير ، فما وفّى الموطن حقه وصدّق الرؤيا ، وكل عذاب في الدنيا يكون بلاء ، إذ كانت دار اختبار.
(وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (١٠٧)
(وَفَدَيْناهُ) من أسر الهلاك يعني تلك الصورة وهي ابنه التي رآها إبراهيم عليهالسلام (بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) وهو الكبش ففداه ربه بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤيا إبراهيم عليهالسلام