ما وافق منها فذلك راجع إلى سيده. والفتى من وقر الكبير في العلم أو في السن ، والفتى من رحم الصغير في العلم أو السن ، والفتى من آثر المكافىء في السن أو في العلم ، وينبغي للفتى أن يوفّي السلطان حقه الذي أوجبه الله له عليه ، ولا يطلب منه حقه الذي جعله الله له قبل السلطان ، مما له أن يسامحه فيه إن منعه منه ، فتوة عليه ورحمة به وتعظيما لمنزلته ، إذ كان له أن يطلبه به يوم القيامة ، فالفتى من لا خصم له ، لأنه فيما عليه يؤديه ، وفيما له يتركه ، فليس له خصم ، والفتى من لا تصدر منه حركة عبثا جملة واحدة ، وإن كانت الحركة في غيره فلا ينظرها عبثا ، فإن الله خلقها أي قدّرها ، وإذا قدرها فلا تكون عبثا ولا باطلا ، فيكون حاضرا مع هذا عند وقوعها في العالم ، فإن فتح له بالعلم في الحكمة فيها فبخ على بخ ، وهو صاحب عناية ، وإن لم يفتح له في العلم بالحكمة فيها فيكفيه حضوره في نفسه أنها حركة مقدرة منسوبة إلى الله ، وأن لله فيها سرا يعلمه الله ، فالفتيان هم السلاطين في صور العبيد ، يعرفهم الملأ الأعلى ، فليس أحد مما سوى الأنس والجان إلا ويقول بفضله ، إلا بعض الثقلين ، فإن الحسد يمنعهم من ذلك ، وهم يعاملون الخلق بالإحسان إليهم مع إساءتهم لهم ، فلهم القوة العظمى على نفوسهم حيث لم يغلبهم هواهم ، ولا ما جبلت النفس عليه من حب الثناء والشكر والاعتراف (راجع سورة الأنبياء آية ٦٠) (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) اعلم أن الإيمان بالربوبية يزيد في الهدى ، والإيمان بالله هو الهدى.
(وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (١٤) هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً (١٥) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً (١٦) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ