(إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) (٣٢)
يقول سليمان عليهالسلام (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) لأنه سماه خيرا ، والخير منسوب إلى الله فقال : (عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) إياه بالخيرية أحببته ، فأحب عليهالسلام حب الخير ، وحب الخير إما أن يريد حب الله إياه ، أو حب الخير من حيث وصف الخير بالحب ، والخير لا يحب إلا الأخيار ، فإنهم محل وجود عينه ، فكذلك سليمان عليهالسلام قال : (أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) أي أنا في حبي كالخير في حبه ، ولهذا لما توارت بالحجاب ، أعني الصافنات الجياد ، اشتاق إليها ، لأنه فقد المحل الذي أوجب له هذه الصفة الملذوذة ، فإنها كانت مجلى له فقال.
(رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) (٣٣)
فطفق يمسح بيده على أعرافها وسوقها فرحا وإعجابا بخير ربه :
إن الفتى من رأى الأفراس توصله |
|
به فيمسح بالأعناق والسوق |
حبا لها عند ما كانت أدلته |
|
عليه لم يرها جاءت لتشقيق |
وكيف جاءت لتشقيق وإن لها |
|
تسبيح خالقها حقا بتصديق |
الله كرمها جودا وأهلها |
|
لكل صالحة تأهيل معشوق |
وأما المفسرون الذي جعلوا التواري للشمس ، فليس للشمس هنا ذكر ، ولا للصلاة التي يزعمون ، ومساق الآية لا يدل على ما قالوه بوجه ظاهر البتة.
(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) (٣٤)
ـ الوجه الأول ـ وأما استرواح المفسرين فيما فسروه بقوله : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) ليس تلك الفتنة وهو الاختبار إذا كان متعلقه الخيل ولا بد ، فيكون اختبار سليمان عليهالسلام