الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٤٢)
(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) وهو من توفاه الله في حياته في دار الدنيا ، أي آتاه من الكشف ما يأتي الميت عند الاحتضار ، إذ كانت الوفاة عبارة عن إتيان الموت (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) فالله يمسك نفس الذي قضى عليه الموت في النوم إذا هو نام (وهي النفس الإنسانية الناطقة) (وَيُرْسِلُ الْأُخْرى) وهي النفس الحيوانية (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وهو وقت قبض الروح (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) المتفكر ناظر إلى قوة مخلوقة فيصيب ويخطىء ، وإذا أصاب يقبل دخول الشبهة عليه بالقوة التي أفادته الإصابة ، فهو بين البصر والبصيرة ، لم يبق مع البصر ولا يخلص للبصيرة.
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (٤٥)
(وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) وما قال بالله ، أي انقبضت لما وجدت من ألم نسبة الوحدة لله في الألوهية ، ومما يدل على جهلهم بالتوحيد قولهم (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) (وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) ـ تحقيق ـ هذه الآية من الله إيثار لجناب المؤمنين الذين لم يروا فاعلا إلا الله ، وأن القدرة الحادثة والأمور الموقوفة على الأسباب لا أثر لها في الفعل ، فإن الذين أشركوا جعلوا الشريك كالوزير لله ، معينا على ظهور بعض الأفعال الحاصلة في الوجود ، فلما ذكر الله وحده رأوا أن هذا الذاكر لم يوف الأمر حقه ، فأداهم ذلك إلى الاشمئزاز ، لأنهم لم يقبلوا توحيد الأفعال فذمهم الله تعالى.