وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (٨٤)
جاء بالهوية بما ينبغي أن يظهر به في السموات من الألوهية بالاسم الذي يخصها ، وفي الأرض إله بالاسم الذي ينبغي أن يظهر به في الأرض من كونه إلها ، فكان آدم نائبا عن هذا الاسم ، وهذا الاسم هو باطنه ، وهو المعلوم له علم التأثيرات التي تكون عن الأسماء الإلهية التي تختص بالأرض ، حيث كانت خلافته فيها ، فإن لكل اسم خاصية في الفعل في الكون (١) (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) الحكمة حضرة تعطي علم الترتيب وإعطاء كل شيء حقه وإنزاله منزلته ، فيثبت الترتيب في أعيان الممكنات في حال ثبوتها بحكمة الحكيم ، لأنه ما من ممكن يضاف إلى ممكن إلا ويمكن إضافته إلى ممكن آخر لنفسه ، لكن الحكمة اقتضت بحكمها أن ترتبه كما هو بزمانه وحاله في حال ثبوته ، وهذا هو العلم الذي انفرد به الحق تعالى وجهل منه ، وظهر به الحكم في ترتيب أعيان الممكنات في حال ثبوتها قبل وجودها ، فتعلق بها العلم الإلهي بحسب ما رتبها الحكيم عليه ، فالحكمة أفادت الممكن ما هو عليه من الترتيب الذي يجوز خلافه ، والترتيب أعطى العالم العلم بأن الأمر كذا هو ، فلا يوجد إلا بحسب ما هو عليه في الثبوت الذي هو ترتيب الحكيم عن حكم الحكمة ، فالحكمة لها الجعل والعلم ليس كذلك ، لأن العلم تابع للمعلوم ، والحكمة تحكم في الأمر أن يكون هكذا (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) في المنع والعطاء ، فإن الله عزوجل ما منع إلا لحكمة ولا أعطى إلا لحكمة ، فهو العليم بكل شيء ، ومنزلة ذلك الشيء المعلوم.
(وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)
__________________
(١) إشارة لأبي عبد الله المصنف : أتى بلفظ (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ) فكان ظهوره بالهوية فيها ولم يقل «وهو الذي في الأرض إله» فناب عنه الخليفة فيها ، ولو أتى بالهوية ما عبد غير الله في الأرض كما لم يعبد في السماء إلا هو.