فإنها تعطي أحكامها مختلفة ، فتفرق لذلك ، فلا يزال ينزل على قلبه من ربه نجوما ، حتى يجتمع هناك ويترك الحجاب وراءه ، فيزول عن الأين والكون ، ويغيب عن الغيب ، فالقرآن المنزل حق كما سماه الله حقا ، ولكل حق حقيقة ، وحقيقة القرآن الإنسان ، كما سئلت عائشة عن خلق النبي عليهالسلام فقالت : [كان خلقه القرآن] قال العلماء : تريد قوله (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
(أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ (٧) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) (٨)
هذا هو التوحيد الحادي والثلاثون في القرآن ، وهو توحيد البركة ، لأنه في السورة التي ذكر فيها أنه أنزله في ليلة مباركة ، فمن وحّد الله بهذا التوحيد المبارك الذي هو توحيد البركة عرف سر تشبيه نور الله بالمشكاة ، وما هي الزجاجة في هذا التشبيه؟ ولما كان هذا التوحيد في السورة التي ذكر فيها الليلة المباركة المخصوصة بالآجال ، لهذا نعت هذا التوحيد بأنه يحيي ويميت.
(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ (١٦) وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءهُمْ