بالتقوى؟ أو يتصف بالتقوى من حيث أنه أخذ الجن والإنس وقاية يتقي بها نسبة الصفات المذمومة عرفا وشرعا إليه ، فتنسب إلى الجن والإنس ، وهما الوقاية التي اتقى بها هذه النسبة ، فهو ولي المتقين من كونه متقيا ، وإذا كان وليهم ـ وما ثمّ إلا متق ـ فهي بشرى من الله للكل بعموم الرحمة ، والنصرة على الغضب ، لأنه الولي الناصر ، لذلك قال تعالى :
(هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ (٢٠) أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) (٢١)
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ) فإنهم وإن عمتهم الرحمة لا يستوون فيها (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) أي ساء من يحكم بذلك.
(وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٢) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) (٢٣)
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) ليس الهوى سوى إرادة العبد إذا خالفت الميزان المشروع الذي وضعه الله له في الدنيا ، فلو لا الهوى ما عبد الله في غيره ، وإن الهوى أعظم إله متخذ عبد ، فإنه لنفسه حكم ، وهو الواضع كل ما عبد ، فلو لا قوة سلطانه في الإنسان ، ما أثّر مثل هذا الأثر فيمن هو على علم بأنه ليس بإله ، ولما كان الإله له القوة في المألوه ، وإله هذا هواه ، حكم عليه وأضله عن سبيل الله ، واعلم أن الآلهة المتخذة من دون الله آلهة طائفتان : منها من ادعت ما ادعي فيها ، مع علمهم في أنفسهم أنهم ليسوا كما ادعوا ، وإنما أحبوا الرياسة وقصدوا إضلال العباد ، كفرعون وأمثاله وهم في الشقاء إلا إن تابوا ، وأما