وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (٦) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨) قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ) (٩)
(قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) فنفى أن يكون الفعل له ولنا ، بل يفعل به وبنا ، فما ثمّ ثقة بشيء لجهلنا بما في علم الله فينا ، فيا لها من مصيبة (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) أي ما لي علم ولا نظر بغير ما يوحى إلي ، هذا مع غاية الصفاء المحمدي ، فمقام الوحي لا يعطى منه الإنسان إلا على قدر ما يريد الله تعالى ، وأما من جهة العلم بالله فهذا قوله صلىاللهعليهوسلم ، وهو خير البشر وأكثرهم عقلا وأصحهم فكرة وروية ، فأين الفكر في العلم بالله؟ هيهات ؛ تلف أصحاب الأفكار والقائلون باكتساب النبوة والولاية ، كيف لهم ذلك والنبوة والولاية مقامان وراء طور العقل ، ليس للعقل فيهما كسب؟ بل هما اختصاصان من الله تعالى لمن شاء (وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) وهو قوله : (ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) فإياك أن تنزل أحدا من الله منزلة لا تعرفها ، لا بتزكية عند الله فيه ولا تجريح ، إلا أن تكون على بصيرة من الله تعالى فيه ، فإن ذلك افتراء على الله ، ولو صادفت الحق فقد أسأت الأدب ، وهذا داء عضال ؛ بل حسّن الظن به وقل : فيما أحسب وأظن هو كذا وكذا ، ولا تزكي على الله أحدا ، فهذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا يدري ما يفعل به ولا بنا ، بل يتبع ما يوحى إليه ، فما عرّف به من الأمور عرفها ، وما لم يعرف به من الأمور لم يعرفه وكان فيه كواحد من الناس ، فكم رجل عظيم عند الناس ويأتي يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة.