ارتفعت ، فلما ذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [تلك السكينة نزلت للقرآن] فرأى هذا الصاحب ممثلا خارجا عنه ما كان فيه ، فكل من تلا وسكن لما تلا بصدق بصورة ظاهر وحكمة باطن فذلك تال صاحب سكينة ، فإن هو تلا وسكن ظاهرا ولم يسكن باطنا ـ والسكون الباطن فهم المعنى الساري في الوجود من تلك الآية المتلوة ، لا يقتصر بها على ما تدل عليه في الظاهر خاصة ـ فمن تلا هكذا فليس بصاحب سكينة أصلا وإن كان من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، فإن تلا وسكن باطنا ولم يسكن ظاهرا وتعدى الظاهر المشروع فذلك ليس بمؤمن ، وهو أبعد الناس من الله ، وما شقي إلا بعدم سكون الظاهر ، ففاته الإيمان به ، وفي قوله تعالى : (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) إشارة إلى الذين اشتروا الضلالة بالهدى ، واختاروا العمى على الهدى ، واشتروا الكفر بالإيمان من المؤمنين ، ليزداد المؤمنون إيمانا مع إيمانهم ، ويرجون تجارة لن تبور (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لما كان الملك لله كانت الجنود له تعالى من كونه ملكا ، فإن الله لما سمى نفسه ملكا سمى خلقه جنودا ، وكل مأخوذ به من الأسباب الكونية جند من جنود الله (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ ال سَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (٧)
ـ إشارة ـ لما كان عالم الإنسان ملكا لله تعالى ، كان الحق ملكا لهذا الملك بالتدبير فيه والتفصيل ، ولهذا وصف نفسه تعالى بأن لله جنودا ، جنود السموات والأرض وقال : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) فهو تعالى حافظ هذه المدينة الإنسانية لكونها حضرته التي وسعته وهي عين مملكته ، وما وصف نفسه بالجنود والقوة إلا وقد علم أنه تعالى سبقت