مشيئته في خلقه أن يخلق له منازعا ينازعه في حضرته ، ويثور عليه في ملكه بنفوذ مشيئته فيه وسابق علمه وكلمته التي لا تتبدل.
(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (٩)
اعلم أن من الورع أن لا تنزل إلى ما اختصت به الأنبياء والرسل من الإطلاق ، فيتورع أن يطلق على أحد ممن ليس بنبي ولا رسول اللفظ الذي اختصوا به ، فيطلق على الرسل الذين ليسوا برسل الله لفظ الورثة والمترجمين ، فيقال : وصل من السلطان الفلاني إلى السلطان الفلاني ترجمان يقول كذا وكذا ، فلا يطلق على المرسل ولا على المرسل إليه اسم الملك ورعا وأدبا مع الله ، ويطلق عليه اسم السلطان ، فإن الملك من أسماء الله ، فيجتنب هذا اللفظ أدبا وحرمة وورعا ، ولم يرد لفظ السلطان في أسماء الله ، ويطلق على الرسول الذي جاء من عند السلطان اسم الترجمان ، ولا يطلق عليه اسم الرسول ، لأنه قد أطلق على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيجعل هذا الاسم من خصائص النبوة والرسالة الإلهية أدبا مع رسل الله عليهمالسلام ، وإن كان اللفظ قد أبيح ولم ينه عنه ، ولكنه لم يوجب علينا ، فكان لزوم الأدب أولى مع من عرّفنا الله أنه أعظم منا منزلة عنده ، وهذا لا يعرفه إلا الأدباء الورعون
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (١٠)
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) فنفاه بعد ما أثبته صورة ، كما فعل به في الرمي سواء ، أثبته ونفاه ، ثم جعل الله يده في المبايعة فوق أيدي المبايعين فقال : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) فنزّل الحق يد نبيه صلىاللهعليهوسلم منزلة يده في المبايعة ، ويد الله تأييده وقوته ، وما شهد الخلق المبعوث إليهم إلا الرسول ، فظاهره خلق وباطنه حق ، ولما كان الحق تعالى الإمام الأعلى