الوحي من المقرئين والمحدثين ، ليس للفقهاء ولا لمن نقل الحديث النبوي على المعنى نصيب ولا حظ فيه ، فإن الناقل على المعنى إنما نقل إلينا فهمه في ذلك الحديث النبوي ، فلا يحشر يوم القيامة فيمن بلغ الوحي كما سمعه وأدى الرسالة ، كما يحشر المقرىء والمحدث الناقل لفظ الرسول عينه في صف الرسل عليهمالسلام ، فالصحابة إذا نقلوا الوحي على لفظه فهم رسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والتابعون رسل الصحابة ، وهكذا الأمر جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة ، وهو خير عظيم امتن به عليهم ، ومهما لم ينقله الشخص بسنده متصلا غير منقطع فليس له هذا المقام ، ومن هنا تعرف شرف مقام العبودية وشرف المحدثين نقلة الوحي بالرواية ـ إشارة ـ كان معاذ وغيره رسول رسول الله إلى من أرسل إليهم ، وقيل في محمد صلىاللهعليهوسلم : رسول الله ، وكان يأخذ عن جبريل ، ولم يقل في معاذ وغيره : رسول الله ، وقيل فيه : رسول رسول الله ، فلماذا ترك ذكر الواسطة في (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ)؟ إنما نسب رسول الرسول إليه ، لاشتراكهما في التكليف الذي أنزل عليه ، ولم ينسب الرسول عليه الصلاة والسلام إلى جبريل لأنه ليس له من رسالته غير التعريف الذي أودع الرحمن لديه ، فنسب الرسول إلى الله تعالى بغير واسطة ، لعدم هذه الرابطة.
(٤٩) سورة الحجرات مدنيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) (٢)
فإذا كنا نهينا وتحبط أعمالنا برفع أصواتنا على صوت رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا تكلم ، وهو المبلغ عن الله ، فغض أصواتنا عندما نسمع تلاوة القرآن آكد ، والله يقول : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وأهل الورع إذا اتفقت بينهم مناظرة في مسئلة