دينية ، فيذكر أحد الخصمين حديثا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، خفض الخصم صوته عند سرد الحديث ، هذا هو الأدب عندهم إذا كانوا أهل حضور مع الله وطلبوا العلم لوجه الله ، فأما علماء زماننا اليوم فما عندهم خير ولا حياء ، لا من الله ولا من رسول الله ، إذا سمعوا الآية أو الحديث النبوي من الخصم لم يحسنوا الإصغاء إليه ، ولا أنصتوا ، وداخلوا الخصم في تلاوته أو حديثه ، وذلك لجهلهم وقلة ورعهم ، عصمنا الله من أفعالهم ، فإن الرحمة كلها في التسليم والتلقي من النبوة والوقوف عند الكتاب والسنة ، ولقد عمي الناس عن قوله صلىاللهعليهوسلم : [عند نبي لا ينبغي تنازع] وحضور حديثه صلىاللهعليهوسلم كحضوره ، لا ينبغي أن يكون عند إيراده تنازع ، ولا يرفع السامع صوته عند سرد الحديث النبوي ، فإن الله يقول : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) ولا فرق بين صوت النبي أو حكاية قوله ، فما لنا إلا التهيؤ لقبول ما يرد به المحدّث من كلام النبوة من غير جدال ، سواء كان ذلك الحديث جوابا عن سؤال أو ابتداء كلام ، فالوقوف عند كلامه في المسئلة أو النازلة واجب ، فمتى قيل : قال الله ، أو قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ينبغي أن يقبل ويتأدب السامع ولا يرفع صوته على صوت المحدّث ، إذا قال ما قال الله ، أو سرد الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإن الله توعّد على رفع الصوت بحبط العمل من حيث لا يشعر الإنسان ، فإنه يتخيل في رده وخصامه أنه يذبّ عن دين الله ، وهذا من مكر الله الذي قال فيه : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) فالعاقل المؤمن الناصح نفسه إذا سمع من يقول : قال الله تعالى أو قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلينصت ويصغ ويتأدب ويتفهم ما قال الله أو ما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يقول الله : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فأوقع الترجي مع هذه الصفة وما قطع بالرحمة ، فكيف حال من خاصم ورفع صوته وداخل التالي وسارد الحديث النبوي في الكلام؟ وأرجو أن يكون الترجي الإلهي واجبا كما يراه العلماء.
(إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ