وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (٥)
لما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يذكر الله على كل أحيانه ، والله جليس من يذكره ، فلم يزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم جليس الحق دائما فمن جاء إليه صلىاللهعليهوسلم فإنما يخرج إليه من عند ربه إمّا مبشرا وإمّا موصيا ناصحا ، ولهذا قال : (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) فلو كان خروجه إليهم بما يسوءهم في آخرتهم ما كان خيرا لهم ، وقد شهد الله بالخيرية فلابد منها ، وهي على ما ذكرناه من بشارة بخير أو وصية ونصيحة وإبانة عن أمر مقرب إلى سعادتهم ، غير ذلك لا يكون.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (٧)
لو لا أن الله تعالى تولى قلوب المؤمنين فحبب الإيمان إليها وزينه فيها ، وكره الكفر وشانه عندها ، لتاهوا في الظلمات وغرقوا في بحار الهلكات ، لظهور الاعتياد ومعاينة الأسباب ، ولكن الله سلّم وحبب الإيمان في القلوب وزيّن ، وكره الكفر والفسوق والعصيان ، ولذلك مدح المؤمنين بالغيب المستور.
(فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨) وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) المقسط هو الحكم إذا كان عدلا.