(فَالْحامِلاتِ وِقْراً) (٢)
(فَالْحامِلاتِ) المعصرات (وِقْراً) ثقلا ، ومن جملة الحاملات الحوامل من العالم ، كالأرض والسحاب والنساء وجميع الأناثي ، وما تحمله الكتب في حروفها من المعاني.
(فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (٣) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا) (٤)
بالتفصيل والتصوير والترتيب ، وهم من ملائكة الكرسي ، حيث انقسمت الكلمة الواحدة التي هي في العرش واحدة ، فهي رحمة واحدة إليها مآل كل شيء ، انقسمت في الكرسي موضع القدمين إلى رحمة وغضب مشوب برحمة ، فهذا الصنف من الملائكة المقسمات أمرا لا يعرفون أحدية وإن كانت فيهم ، فإن الله وكلهم بالتقسيم مع الأنفاس ، فحيل بينهم وبين مشاهدة الوحدات ، فأية وحدة تجلت لهم قسموها بالحكم ، فلا يشهدون إلا القسمة في كل شيء ، ولا غفلة عندهم ولا نسيان لما علموه ، وقيل هم عمار السماء ذات البروج ، وهو الأطلس.
(إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (٦) وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ) (٧)
إن الله لما جعل السباحة للنجوم في السموات حدثت لسيرها طرق ، لكل كوكب طريق ، وهو قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) فسميت تلك الطرق أفلاكا ، فالأفلاك تحدث بحدوث سير الكواكب ، وهي سريعة السير في جرم السماء الذي هو مساحتها.
(إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) (١٠)
اعلم أن العلم بالله من جهة الشرع هو تعريف الحق عباده بما هو عليه ، فإنه أعلم بنفسه من عباده وبه ، فإن العلم به منه أن يعلم أنه جامع بين التنزيه والتشبيه ، وهذا في الأدلة النظرية غير سائغ ، أعني الجمع بين الضدين في المحكوم عليه ، ليس ذلك إلا هنا خاصة ، فلا يحكم عليه خلقه ، والعقل ونظره ، وفكره من خلقه ، فكلامه في موجده بأنه ليس كذا