(وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ) (٢)
ـ إشارة ـ وهو العالم من باب الإشارة ، مسطور لأنه منضود ، قد ضم بعضه إلى بعض ، فالوجود بأسره من باب الإشارة كتاب مسطور.
(فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ) (٣)
في رق الوجود ، المنشور في عالم الأجرام من الاسم الله ، والعالم كالكتاب ، لما فيه من الترتيب على الوجوه التي أوجدها الله عليه ، تلاه الله عليك سبحانه لتعقل عنه إن كنت عالما ، وهو منشور ظاهر ، فهو مبسوط غير مطوي ، ليعلم ببسطه أنه مخلوق للرحمة ، وبظهوره يعقل ويعلم ما فيه وما يدل عليه ، والعالم الكبير المعبر عنه بالكتاب المسطور يعبر عنه بالفرقان ، ومختصر هذا الكتاب المسطور هو المعبر عنه بالقرآن ، ومن وجه آخر فإن الكتاب الكبير الخارج عنك يعبر عنه بالقرآن ، ومختصره هو نفسك المعبر عنه بالفرقان ، إذ الإنسان محل الجمع لما تفرق في العالم الكبير ، وإنما قلنا في بسطه إنه للرحمة ، لأنه منها نزل كما قال تعالى : (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وخاتمة الأمر ليست سوى عين سوابقها ، وسوابقها الرحمن الرحيم.
(وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) (٤)
البيت المعمور المسمى بالضراح في السماء الأولى مما يلي الفلك المكوكب ، وهو على سمت الكعبة كما ورد في الخبر ، لو سقطت منه حصاة لوقعت على الكعبة ، وهذا البيت له بابان ، يدخل فيه كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم يخرجون من الباب الذي يقابله ولا يعودون إليه أبدا ، يدخلون فيه من الباب الشرقي لأنه باب ظهور الأنوار ، ويخرجون من الباب الغربي لأنه باب ستر الأنوار المذهبة ، فيحصلون في الغيب ، فلا يدري أحد حيث يستقرون ، فاختص هذا البيت بعمارة ملائكة يخلقون كل يوم من قطرات ماء نهر الحياة الواقعة من انتفاض الروح الأمين جبريل ، فإنه ينغمس في نهر الحياة في كل يوم غمسة لأجل خلق هؤلاء الملائكة ، عمرة البيت المعمور ، فيخرج فينتفض كما ينتفض الطائر ، فيقطر منه في ذلك