منه ، (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) هو محل القوى من الإنسان الذي هو الدماغ ، لأن فيه جميع القوى المعنوية والحسية (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) هو بحر الحياة لأنه لو لا هذا البحر ما عقل شيئا ولا حصل له علم ولا غيره ، إذ من شرط العلم الحياة ، والبحر المسجور في الاعتبار هو المعنى الذي يصيرنا نارا ، وهو في حق النفس في حال الاصطلام تنعت بالبحر المسجور ، فكل ما يعسر على السالك إزالته ، أعانته عليه نار الاصطلام فأحرقته وأراحته منه.
(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِن دَافِعٍ (٨) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١١)
قال الحق لعبده : بلغ عني حقا ، وأنا الصادق ، وعزتي وجلالي وما أخفيته من سنّي علمي ، لأعذبن عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، من كذّب رسلي وكذّب اختصاصي لهم من سائر العباد ، وكذّب بصفاتي وادعى أنه ليس لي صفة ، وأوجب عليّ وأدخلني تحت الحصر ، وكذّب كلامي وتأوله من غير علم به ، وكذّب بلقائي وقال : إني لم أخلقه وإني غير قادر على بعثه كما بدأته ، وكذّب بحشري ونشري وحوض نبيي وميزاني وصراطي ورؤيتي وناري وجنتي ، وزعم أنها أمثلة وعبارات المراد بها أمور فوق ما ظهر ، وعزتي وجلالي لتردون وتعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى ، ولأنتقمن في دار الخزي والعذاب منهم على ما أخبرت في كتبي ، كذبوني وصدقوا أهواءهم ، ونفوسهم سولت لهم الأباطيل ، وشياطينهم لعبت بهم (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) صراطي ممدود على ناري ، فالويل ثم الويل لمن كذبني (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ).
(الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٦)