كما أنه استوى عندهم الإنذار وعدم الإنذار في الدنيا فلم يؤمنوا ، كذلك استوى في حقهم في الآخرة وجود الصبر وعدمه ، فلم يؤثر في نفوذ الجزاء الوفاق.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (٢١)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ) يعني إيمان الفطرة (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) فورثوهم ، وصلّي عليهم إن ماتوا ، وأقيمت فيهم أحكام الإسلام كلها ، مع كونهم على حال لا يعقلون جملة واحدة (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يعني أولئك الصغار ، ما أنقصناهم من أعمالهم ، وأضاف العمل إليهم يعني قولهم بلى في إشهاد الذر ، فبقي لهم على غاية التمام ما نقصهم منه شيئا ، لأنهم لم يطرأ عليهم حال يخرجهم من فعل ما من أفعالهم عن ذلك الإقرار الأول ، فالذرية تابعة للآباء في الإيمان ، ولا يتبعونهم في الكفر إن كان الآباء كفارا.
(وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ (٢٤) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ (٢٥) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (٢٨)
البر معناه المحسان والمحسن ، فإن الحق تعالى نظر إلى خلقه من كل وجه بالإحسان ، ولهذا تسمى بالبر الرحيم ، فمن حيث أن الخلق عيال الله رزقهم ، ومن حيث أن فيهم من