الكبرياء ، وأذن لي أن آذن على سواء ، وذلك على الشرط الذي اشترطته في مناجاة حضرة الرياح ، والعقد الذي ربطته بحضرة الجرس والجناح ، وأنا اليوم أنادي وأنادى ، وأهادي وأهادى ، وأسري ويسرى إلي ، وأتوكل ويتوكل علي ، ووهب لي كل حضرة تحت علمي ، يخترقها السالكون إلي باسمي ، ولا يدركون مني غير ما أدركته ، ولا يملك أحد منهم في وجودي سوى ما ملكته ، هذا إن كانت لهم عندي عناية ، وسبق لهم في سابق علمي هداية ، وإلا ففي بحر المعارف يسبحون ، وفي قفر اللطائف يخبطون ، مهد الله لهم السبيل ، وعرفهم أسرار التنزيل.
(مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) (١١)
(ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) العين ، أي تجلى له في صورة علمه به ، فأنس بمشاهدة من علمه ، فكان شهود تأنيس في ذلك المقام.
(أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى) (١٢)
ـ إشارة ـ ما عرف الرسول صلىاللهعليهوسلم طعم التواضع إلا صبيحة ليلة إسرائه ، لأنه نزل من أدنى من قاب قوسين إلى من أكذبه ، فاحتمله وعفا عنه ، فإنه ما تواضع عن رفعة إلا صاحب منعة ، فلا يتواضع إلا مؤمن ، فإن له الرفعة الإلهية بالإيمان.
(وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) (١٤)
إنما سميت منتهى ، لأنه إليها ينتهي ما ينزل ، ثم يلبس صورة يقتضيها حكم السموات ، وإليها ينتهي ما يطلع من الأرض ثم يحبس ، فالسدرة شجرة في الجنة تنتهي إليها أعمال بني آدم ، ولهذا سميت سدرة المنتهى ، فهي موضع الفصل ، وبظلها تستظل صورة الأعمال ، والسدرة عروقها دون السماء ، وأصلها في السماء ، وفروعها في عليين ، فتنتهي إليها أعمال العباد الصالحة والطالحة ، فإذا مات الإنسان وقبضت روحه قرنت بعملها حيث انتهى عمله من السدرة ، فالذي لا تفتح له أبواب السماء عمله في عروق هذه السدرة ، والذي يفتح لهم أبواب السماء عملهم في موضع ثمر هذه السدرة ، ولهذا لا يجوع السعيد ولا يعرى ،