طَغى) ولو طغى لسفل ، ولو زاغ ما ارتقى.
وبالتلاوة الجسمانية والروحانية : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) بالسر الإنساني في الموقع الرباني ، ليحصل معرفته ويكمل مرتبته (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) يقول قد أصاب المطلوب وظفر بالمحبوب (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) لأنه مقدس عن التأليف والتركيب ، والتدبير والترتيب ، (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) من الله إلى الرب ، كما تقول في شاهد الغيب : من السر إلى القلب (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) ترجمان الاستوا إليه المستوى ، (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى) جبار قهار مقتدر أقوى (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) فوق فلك الإشارات العلى (ثُمَّ دَنا) من حضرة المنى (فَتَدَلَّى) حين تجلى (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) أو كحبل الوريد الأدنى (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) لما اشتغل بمنافعه وهو قاعد ، وقام بأسبابه وهو راقد (ما كَذَبَ الْفُؤادُ) النكتة الجامعة الإلهية (ما رَأى) من الحقائق الإنسانية (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) ولا كون يرى (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) حضرة ذات الإنتها (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) حين مقام السوى (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) عند صلاة الظهر والعشا ، (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) لأنه في خط الاستوا.
ـ إشارة واعتبار ـ محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووارثه لما دنا من الرفيق الأعلى ، فتدلى على المقام الأجلا ، (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) مقام محمود للمحمدي المجتبى. (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) ففهم عنه صريح المعنى (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) من حقائق القرب في الإسرا (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) وآدم بين الطين والماء سوا (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) حيث تجتمع البداية والانتها ، الأزل والوقت والأبد سوا (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) مستقر الواصلين الأحيا ، لما شاهدوا الذات آواهم بجنة الصفات عن الورى ، أي سترهم بالصفات (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) من طرف الإسرا والتنزه في العلا (ما زاغَ الْبَصَرُ) وكيف يزيغ لعدم لا يرى ، أي ما مال إلى الغير ، وما ترك الميل تكبرا على الغير ، إنما شغله بربه حال بينه وبين الغير ، فلهذا قال : (وَما طَغى) أي ما طغى في زيغه ، إذ كان زيغ شغل بربه ، لا زيغ تكبر.
(لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨) أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) (١٩)