عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رجلا ممن مضى كان يقعد على صخرة لثقيف يبيع السمن من الحاج ، إذا مرّ يلتّ سويقهم ، وكان ذا غنم ، فسميت الصخرة اللات ، فلما فقده الناس ، قال لهم عمرو : إن ربكم اللات قد دخل في جوف الصخرة ـ وكانت العزّى ثلاث شجرات نخل ، وكان أول من دعا إلى عبادتها عمرو بن ربيعة ، والحارث بن كعب ، وقال لهم عمرو : إن ربكم يصيف باللّات لبرد الطائف ، يشتي بالعزّى لحرّ تهامة ، وكان في كل واحد شيطان يعبد. فلما بعث الله عزوجل محمدا صلىاللهعليهوسلم ، بعث بعد فتح مكة خالد ابن الوليد إلى العزّى يهدمها ، فخرج في ثلاثين فارسا من أصحابه إلى العزى حتى انتهى إليها فهدمها ، ثم رجع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : أهدمت؟ قال : نعم يا رسول الله ، قال : هل رأيت شيئا؟ قال : لا ، قال : فإنك لم تهدمها ، فارجع إليها فاهدمها ، فخرج خالد بن الوليد وهو متغيظ ، فلما انتهى إليها جرّد سيفه ، فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة ناشرة شعرها ، فجعل السادن يصيح بها ، قال خالد : وأخذني اقشعرار في ظهري ، فجعل السادن يصيح ويقول :
أعزّاي شدّي شدة لا تكذبي |
|
أعزّاي ألقي بالقناع وشمري |
أعزّاي إن لم تقتلي المرء خالدا |
|
فبوئي بذنب عاجل وتبصري |
فأقبل خالد بن الوليد رضي الله عنه بالسيف إليها ، وهو يقول :
كفرانك اليوم ولا سبحانك |
|
إني رأيت الله قد أهانك |
قال : فضربها بالسيف. ثم رجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخبره. فقال : نعم تلك العزّى ، وقد أيست أن تعبد في بلادكم أبدا. ثم قال خالد رضي الله عنه : الحمد لله الذي أكرمنا بك يا رسول الله ، وأنقذنا بك من الهلكة ، لقد كنت أرى أبي يأتي العزّى ، بخير ماله من الإبل والغنم ، فيذبحها للعزّى ، ويقيم عندها ثلاثا ، ثم ينصرف إلينا مسرورا ، فنظرت إلى ما مات أبي عليه ، وإلى ذلك الرأي الذي كان يعيش في فضله ، وكيف جزع حتى صار يذبح لما لا يسمع ، ولا يبصر ، ولا يضر ولا ينفع. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن هذا الأمر إلى الله ، فمن يسّره للهدى ، تيسر له ، ومن يسّره للضلالة كان لها. وكان هدمها لخمس ليال بقين من رمضان ، سنة ثمان ، وكان سادنها أفلح بن النضر السلميّ من