وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي] فأزال عنه هذا العلم ذلك الزهو والفخر وعنهما ، وافتقر الكل إلى ربه ، وانحجب عن زهوه ونفسه.
(وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ) (٥٨)
المسيء من أتى بما يسوء وإن كان جزاء ، فمسيء المسيء ، وجزاء سيئة سيئة مثلها ، إلا أن هذا الاسم مقصور على الخلق دون الحق أدبا أدبنا به الحق.
(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٩) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (٦٠)
أمرنا الحق بهذه الآية أن ندعوه فقال : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي) ثم قال تعالى : (أَسْتَجِبْ لَكُمْ) اعلم أن العبد لا يكون مجيبا للحق حتى يدعوه الحق إلى ما يدعوه إليه ، قال تعالى : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) كذلك رأيناه تعالى لا يستجيب إلا بعد دعاء العبد إياه كما شرع ، فقال تعالى : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فاشترك العبد والحق في القضية ، من كون الحق يجيب العبد إذا دعاه وسأله ، كما أن العبد يجيب أمر الله إذا أمره ، وإجابة الحق إيانا فيما دعونا به على ما يرى الإجابة فيه ، فهو أعلم بالمصالح منا ، فإنه تعالى لا ينظر لجهل الجاهل فيعامله بجهله ، وإنما الشخص يدعو والحق يجيب ، فإن اقتضت المصلحة البطء أبطأ عنه الجواب ، فإن المؤمن لا يتهم جانب الحق ، وإن اقتضت المصلحة السرعة أسرع في الجواب ، وإن اقتضت المصلحة الإجابة فيما عيّنه في دعائه أعطاه ذلك ، سواء أسرع به أو أبطأ ، وإن اقتضت المصلحة أن يعدل مما عيّنه الداعي إلى أمر آخر أعطاه أمرا آخر لا ما عينه ، فما جاز الله لمؤمن في شيء إلا كان له فيه خير ، فإياك أن تتهم جانب الحق فتكون من الجاهلين ، ثم قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) يعني بالعبادة هنا عين