نفسه ، وأما ما عمل عنه غيره بحكم النيابة مما لم يؤذن فيه المّيت ولا أوصى به ولا له فيه تعمل ، فإن الله يعطيه ذلك المقام إذا وهبه إياه غيره ، فيأخذه الميت لا من طريق الوجوب الإلهي لكن يجب عليه أخذه ولابد ، فإنه أتاه من غير مسئلة.
(وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى (٤١) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى) (٤٢)
يريد المنتهى بظهورنا ، أي لا يزال وجه العالم أبدا إلى الاسم الأول الذي أوجده ناظرا ، ولا يزال ظهر العالم إلى الاسم الآخر المحيط الذي ينتهي إليه بورائه ناظرا ، والله هو الوجود المحض ، محيط بنا وإليه ننتهي ، فيحول وجوده وإحاطته بيننا وبين العدم ، فالمآل إلى الرحمة العامة ـ إشارة ـ لا يحجبنّك قوله تعالى : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) فتقول : ليس هو معي في البداية ، بل هو معك في البداية وفي طريقك إليه وإليه نهايتك ، لكن تختلف أفعاله فيك ، وهي اختلاف أحوالك ، ففي البداية يسويك ، وفي الطريق يهديك ، وفي الغاية يملك ويخلع عليك خلعة الخلافة ، فلما كان المنتهى المطلب أظهر الاسم في المنتهى ، ولذلك قال : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى).
(وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى) (٤٣)
من الناس من وفقهم الله لوجود أفراح العباد على أيديهم ، أول درجة من ذلك من يضحك الناس بما يرضي الله ، أو بما لا رضا فيه ولا سخط وهو المباح ، فإن ذلك نعت إلهي لا يشعر به ، بل الجاهل يهزأ به ولا يقوم عنده هذا الذي يضحك الناس وزن ، وهو المسمى في العرف مسخرة ، وأين هو هذا الجاهل بقدر هذا الشخص من قوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) ولا سيما وقد قيدناه بما يرضي الله أو بما لا رضا فيه ولا سخط ، فعبد الله المراقب أحواله وآثار الحق في الوجود يعظم في عينه هذا المسمى مسخرة ، وكان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم نعيمان يضحكه ليشاهد هذا الوصف الإلهي في مادة ، فكان أعلم بما يرى ، ولم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ممن يسخر به ولا يعتقد فيه السخرية ، وحاشاه من ذلك صلىاللهعليهوسلم ،