بل كان يشهده مجلى إلهيا ، يعلم ذلك منه العلماء بالله ، ومن هذه الحضرة كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمازح العجوز والصغير ، يباسطهم بذلك ويفرّحهم.
(وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا) (٤٤)
ـ إشارة ـ الأرض عاد بخارها عليها ، وتحلل شوقا فنزل إليها ، والأمطار دموع العشاق ، من شدة الأشواق لألم الفراق ، فلما تلاقى أضحك بأزهاره ، جزاء بكاء وابل مدراره ، فأمات وأحيا من أضحك وأبكى.
(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (٤٥) مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى) (٤٨)
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ليس الغنى عن كثرة العرض ، لكن الغنى غنى النفس] ترى التاجر عنده من المال ما يفي بعمره وعمر ألزامه لو عاش إلى انقضاء الدنيا ، وما عنده في نفسه من الغنى شيء ، بل هو من الفقر إلى غاية الحاجة ، بحيث أن يرد بماله موارد الهلاك في طلب سد الخلة التي في نفسه ، عسى يستغني ، فما يستغني ، بل لا يزال في طلب الغنى الذي هو غنى النفس ولا يشعر. واعلم أن أول درجة الغنى القناعة والاكتفاء بالموجود ، فلا غنى إلا غنى النفس ، ولا غنّي إلا من أعطاه الله غنى النفس ، فليس الغنى ما تراه من كثرة المال مع وجود طلب الزيادة من رب المال ، فالفقر حاكم عليه.
(وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى) (٤٩)
كانت العرب تعبد كوكبا في السماء يسمى الشعرى ، سنّة لهم أبو كبشة ، وتعتقد فيها أنها رب الأرباب ، لذلك قال تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) وأبو كبشة هذا الذي كان شرع عبادة الشعرى هو من أجداد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأمه ، ولذلك كانت العرب تنسب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليه ، فتقول : ما فعل ابن أبي كبشة؟ حيث أحدث عبادة إله واحد كما أحدث جده عبادة الشعرى.