وهو القرآن (وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ
لِلْمُتَّقِينَ) فعلم القرآن قبل الإنسان أنه إذا خلق الإنسان لا ينزل
إلا عليه ، فينزل على الإنسان القرآن ليترجم عنه بما علمه الحق من البيان ، الذي
لم يقبله إلا هذا الإنسان ، فكان للقرآن علم التمييز ، فعلم أين محله الذي ينزل
عليه من العالم ، وكذلك كان ، فإنه نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلىاللهعليهوسلم ، ليبين للناس ما نزل إليهم ، ثم لا يزال ينزل على قلوب
أمته إلى يوم القيامة ، فهو ينزل على كل قلب تال في حال تلاوته ، فنزوله في القلوب
لا يبرح دائما ، جديد لا يبلى ـ الوجه الثاني ـ (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) بما بيّن له ، فعلم كيف يبين لغيره ، فأبان عن المراد
الذي في الغيب ، وعلمه البيان وهو ما ينطق به اللسان ، وعرفه المواطن وكيف يكون
فيها ـ الوجه الثالث ـ (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) وهو الفرقان ـ الوجه الرابع ـ (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) علّم القرآن تكن نائب الرحمن ، فإن الرحمن علم القرآن
خلق الإنسان علمه البيان ، فإنه قال فيه : (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) وهو القرآن ، فعلم الله القرآن كما علم الإنسان القرآن
، فخيركم من علم القرآن وعلمه ـ
إشارة ـ بهذه الآيات
الأربع قطع الله حكم الأسباب ، فأضاف الكل إليه تعالى.
(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ)
(٥)
ليجمع للإنسان
بين ما يثبت على حالة واحدة وبين ما يقبل الزيادة والنقصان ، وذلك ميزان حركات
الأفلاك.
(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ)
(٦)
لهذا الميزان ،
أي من أجل هذا الميزان ، فالنجم والشجر يسجدان ، وهما ما ظهر وما قام على ساق فعلا
، حكمت بذلك القدمان ، فمنه ذو ساق وهو الشجر ، ومنه ما لا ساق له وهو النجم ،
فاختلفت السجدتان ، فإن الشجر كل نبات قام على ساق والنجم هو كل نبات لم يقم على
ساق ، بل له الطلوع والظهور على وجه الأرض خاصة.
(وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ)
(٧)