فالحق في شؤون على عدد ما في الوجود من أجزاء العالم الذي لا ينقسم كل جزء منه بهذا الشرط ، فهو في شأن مع كل جزء من العالم ، بأن يخلق فيه ما يبقيه ، سوى ما يحدثه مما هو قائم بنفسه في كل زمان فرد ، وتلك الشؤون أحوال المخلوقين ، وهم المحال لوجودها فيهم ، فإنه فيهم يخلق تلك الشؤون دائما ، وهي الأحوال ، فهي أعراض تعرض للكائنات يخلقها فيهم ، عبّر عنها بالشأن الذي هو فيه دنيا وآخرة ، فلا يزال العالم مذ خلقه الله إلى غير نهاية في الآخرة والوجود في أحوال تتوالى عليه ، الله خالقها دائما بتوجهات إرادية ، فشؤون الحق لا تظهر إلا في أعيان الممكنات ، وشؤون الحق هي عين استعدادك ، فلا يظهر فيك من شؤون الحق التي هو عليها إلا ما يطلبه استعدادك ، فإن حكم استعداد الممكن بالإمكان أدى إلى أن يكون شأن الحق فيه الإيجاد ، ألا ترى أن المحال لا يقبله ، فشؤون الحق هي أحوال خلقه ، يجددها لهم في كل يوم ، أي زمان فرد ، فلا يتمكن للعالم استقرار على حالة واحدة وشأن واحد ، لأنها أعراض ، والأعراض لا تبقى زمانين مطلقا ، فلا وجود لها إلا زمان وجودها خاصة ، ثم يعقبها في الزمان الذي يلي زمان وجودها الأمثال والأضداد ، فأعيان الجواهر على هذا لا تخلو من أحوال ، ولا خالق لها إلا الله ، فالحق في شؤون أبدا ، فإنه لكل عين حال ، فللحق شؤون حاكمة إلى غير نهاية ، ولا بلوغ غاية ، ولنا الأحوال ، فليس في العالم سكون البتة ، وإنما هو متقلب أبدا دائما ، من حال إلى حال دنيا وآخرة ، ظاهرا وباطنا ، إلا أن ثمّ حركة خفية وحركة مشهودة ، فالأحوال تتردد وتذهب على الأعيان القابلة لها ، والحركات تعطي في العالم آثارا مختلفة ، ولولاها ما تناهت المدد ولا وجد حكم العدد ، ولا جرت الأشياء إلى أجل مسمى ، ولا كان انتقال من دار إلى دار ، فمن المحال ثبوت العالم زمانين على حالة واحدة ، بل تتغير عليه الأحوال والأعراض في كل زمان فرد ، وهو الشؤون التي هو الحق فيها ، ولا يظهر سلطان ذلك إلا في باطن الإنسان ، فلا يزال يتقلب في كل نفس في صور تسمى الخواطر ، لو ظهرت إلى الأبصار لرأيت عجبا ، فلو راقب الإنسان قلبه لرأى أنه لا يبقى على حالة واحدة ، فيعلم أن الأصل لو لم يكن بهذه المثابة لم يكن لهذا التقليب مستند ، فإنه بين أصبعين من أصابع خالقه وهو الرحمن ، ولما كان الله كل يوم هو في شأن كان تقليب العالم الذي هو صورة هذا القلب من حال إلى حال مع الأنفاس ، فلا يثبت العالم قط على حال واحدة زمانا فردا ، لأن الله