(جَنَى الْجَنَّتَيْنِ) الحسية والمعنوية للعارفين (دانٍ).
(فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (٥٥) ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب.
(فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) (٥٦)
(فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ) لا تشاهد في نظرها أحسن منه ، ولا يشاهد أحسن منها ، قد زينت له وزين لها ، وطيبت له وطيب لها (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) أي أبكار لم يفتضهن أحد.
(فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٥٩ هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (٦٠)
(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) الآية الإحسان رؤية أو كالرؤية ، فالإحسان من الحق رؤية ومن العبد كأنه ؛ قال جبريل عليهالسلام لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ما الإحسان؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإنك إن لا تراه فإنه يراك] وفي رواية [فإن لم تكن تراه فإنه يراك] فأمره أن يخيله ويحضره في خياله على قدر علمه به ، فيكون محصورا له ، وقال تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) هل جزاء الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه ، إلا الإحسان وهو أنك تراه حقيقة ، فالصورة الأولى الإلهية في العبادة مجعولة للعبد من جعله ، فهو الذي أقامها نشأة يعبدها عن أمره عزوجل له بذلك الإنشاء ، فجزاؤه أن يراه حقيقة ، جزاء وفاقا في الصورة التي يقتضيها موطن ذلك الشهود ، كما اقتضى تجليه في الصور الإلهية المجعولة من العبد في موطن العبادة والتكليف ، فإن الصور تتنوع بتنوع المواطن والأحوال والاعتقادات من المواطن ، فلكل عبد حال ، ولكل حال موطن ، فبحاله يقول في ربه ما يجده في عقده ، وبموطن ذلك الحال يتجلى له الحق في صورة اعتقاده ، والحق كل ذلك ، والحق وراء ذلك ، فينكر ويعرف ، وينزّه ويوصف ، وعن كل ما ينسب إليه يتوقف.