الدنيا كانت على غير مثال سبق كما هو الأمر في نفسه ، كذلك ينشئكم فيما لا تعلمون يوم القيامة.
(أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ) (٧٣)
(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) أي تذكرة للعلماء (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ).
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٧٤)
اعلم أن العظمة حال المعظّم ـ اسم فاعل ـ لا حال المعظّم ـ اسم مفعول ـ إلا أن يكون الشيء يعظم عنده ذاته ، فعند ذلك تكون العظمة حال المعظم ، لأن المعظم ـ اسم فاعل ـ ما عظمت عنده إلا نفسه ، فهو من كونه معظما نفسه كانت الحال صفته ، وما عظم سوى نفسه ، فالعظمة حال نفسه ، وهذه الحالة توجب الهيبة والإجلال والخوف فيمن قامت بنفسه ، فعظمة الحق في القلوب لا توجبها إلا المعرفة في قلوب المؤمنين ، وهي من آثار الأسماء الإلهية ، فإن الأمر يعظم بقدر ما ينسب إلى هذه الذات المعظمة ، من نفوذ الاقتدار وكونها تفعل ما تريد ، ولا راد لحكمها ولا يقف شيء لأمرها ، فبالضرورة تعظم في قلب العارف بهذه الأمور ، وهي العظمة الأولى الحاصلة لمن حصلت عنده من الإيمان ، والمرتبة الثانية من العظمة هي ما يعطيه التجلي في قلوب أهل الشهود والوجود ، من غير أن يخطر لهم شيء من تأثير الأسماء الإلهية ، ولا من الأحكام الإلهية ، بل بمجرد التجلي تحصل العظمة في نفس من يشاهده ، وهذه العظمة الذاتية ، وقوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) أي لا تنزهه إلا بأسمائه ، لا بشيء من أكوانه ، وأسماؤه لا تعرف إلا منه ، ولا ينزه