إلا بها ، فكأن العبد ناب مناب الحق في الثناء عليه بما أثنى هو على نفسه ، لا بما أحدثه العبد من نظره ، ولما نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) قال صلىاللهعليهوسلم لنا : [اجعلوها في ركوعكم] فاقترن بأمر الله بقوله (فَسَبِّحْ) أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم لنا بمكانها من الصلاة ، يقول نزهوا عظمة ربكم عن الخضوع ، فإن الخضوع إنما هو لله ، لا بالله ، فإنه يستحيل أن تقوم به صفة الخضوع ، وأضافه إلى الاسم الرب ، لأنه يستدعي المربوب ، ثم إن هذا الاسم لما تعلق التسبيح به لم يتعلق به مطلقا من حيث ما يستحقه لنفسه ، وإنما تعلق به مضافا إلى نفس المسبح ، فقال : [سبحان ربي العظيم] وإنما تعلق به مضافا في حق كل مسبح ، لأن العلم به من كل عالم يتفاضل ، والعالم من الناس يسبح الله بلسان كل مسبح ، وينظر في عظمة الله وتنزيهها عن قيام الخضوع بها ، ويجوز الدعاء في الركوع في الصلاة ، فإن الصلاة معناها الدعاء ، فصح أن يكون الدعاء جزءا من أجزائها ، ويكون من باب تسمية الكل باسم الجزء ، والدعاء في الركوع جاءت به السنة ، وهو مذهب البخاري رحمهالله ، والأدب الصحيح أن ننظر إلى أن الله قد شرع الأدعية في القرآن ، فالعدول عنها إلى ألفاظ من كلام الناس من مخالفة النفس التي جبلت عليها حتى لا توافق ربها ، فإنا كما لا نناجيه في الصلاة إلا بكلامه ، كذلك لا ندعوه إلا بما أنزل علينا وشرعه لنا في القرآن أو في السنة ، مما شرع أن يقال في الصلاة ، وهو أن يقول : [اللهم لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي].
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (٧٧)
قيد القرآن ووصف هنا بصفة الكرم ، لأنه يؤثر عند من يتلوه بهذا الاستحضار كرم النفس ، بما يؤثر به على نفسه مع وجود الحاجة ، كما آثر به وسعى في قضاء حوائج الناس من مؤمن وغير مؤمن ، ونظر جميع العالم بعين الرحمة ، فرحمه ولم يخص بذلك شخصا من شخص ، ولا عالما من عالم ، بل بذل الوسع في إيصال الرحمة إليهم ، وقبل أعذارهم ،