(فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) (٨٩)
الروح ما يستريحون إليه ، والريحان الرزق ، ومنه ما يتغذون به من العلوم الإلهية والتجليات ، والمقرب صاحب سلامة وغنيمة ـ إشارة ـ (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ) لما هو عليه من الراحة ، حيث رآه عين كل شيء (وَرَيْحانٌ) لما رآه عين الرزق الذي يحيى بتناوله (وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) أي ستر ينعم به وحده ، لما علم أن كل أحد ما له من الله تعالى هذا المشهد.
(وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) (٩٠)
يريد يمين المبايعة التي بيدها الميثاق ، ما يريد يمين الجارحة.
(فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) (٩١)
لما سلم منهم الحق سبحانه وتعالى ، فلم يدّعوا شيئا مما هو له ، وسلّم منهم العالم فلم يزاحموهم فيما هم فيه ، وكانوا مع الحق على نفوسهم في وجودهم ، وما برحوا منهم ، فلهذا سلم منهم كل موجود سواهم ، فهم أصحاب سلامة.
(وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ (٩٣)
وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) (٩٥)
العلم الذي هو حق اليقين هو الذي لا يتطرق إليه تهمة ، فحق اليقين هو حق استقراره في القلب ، أي لا يزلزله شيء عن مقره ، وحق استقراره هو حكمه الذي أوجبه على العلم وعلى العين ، فلا يتصرف العلم إلا فيما يجب له التصرف فيه ، ولا تنظر العين إلا فيما يجب لها النظر إليه وفيه ، فذلك هو حق اليقين.