(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٩٦)
(٥٧) سورة الحديد مدنيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١)
(سَبَّحَ لِلَّهِ) فهو المسبّح (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من حيث أعيانهم. واعلم أنه ما في السموات موضع قدم إلا وهو معمور بملك يسبح الله ، ويذكره بما قد حدّ له من الذكر ، ولله تعالى في الأرض من الملائكة مثل ذلك ، لا يصعدون إلى السماء أبدا ، وأهل السموات لا ينزلون إلى الأرض أبدا ، كل قد علم صلاته وتسبيحه (وَهُوَ الْعَزِيزُ) المنيع الحمى من هويته (الْحَكِيمُ) بمن ينبغي أن يسبح له.
(لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢)
(لَهُ) الضمير يعود على الله من (لِلَّهِ) مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ولهذا يسبحه أهلهما لأنهم مقهورون محصورون في قبضة السموات والأرض (يُحْيِي) العين (وَيُمِيتُ) الوصف ، فالعين لها الدوام من حيث حييت ، والصفات تتوالى عليها ، فيميت الصفة بزوالها عن هذه العين ويأتي بأخرى (وَهُوَ) الضمير يعود على الله (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي شيئية الأعيان الثابتة ، يقول : إنها تحت الاقتدار الإلهي.
(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣)
ـ الوجه الأول ـ ظهرت هذه النسب الأربعة من حيث ما نسب الحق إلى نفسه من الصورة ، ولما كان الأمر الإلهي في التالي أتم منه وأكمل منه في المتلو الذي هو قبله ،