ذلك له تعالى جلي ، ولا يخلو العالم من هاتين النسبتين دنيا وآخرة ، فالجلي من سؤال السائلين يسمعه الحق من الاسم الظاهر ، والخفي منه يسمعه من الاسم الباطن ، فإذا ما أعطاه ما سأل ، فالاسم الباطن يعطيه الظاهر ، والظاهر يعطيه للسائل ـ الوجه الثالث ـ اعلم أن الحق سبحانه هو الباطن فلا يظهر لشيء ، لو ظهر لشيء لأحرقت السبحات ما أدركه البصر ، وهو الحافظ للأشياء فلا يظهر لها ، فإن سئلت : من الظاهر الذي لا يعرف والباطن الذي لا يجهل؟ فقل : هو الحق ـ إشارة ـ لا تصح المعرفة بالله لأحد حتى يتعرف إليه ويعرفه بظهوره ، فيبصره من القلب عين اليقين بنور اليقين ، وقد قال عليهالسلام مخبرا عن الله [ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن] ـ الوجه الرابع ـ الاسم الظاهر هو ما أعطاه الدليل ، والباطن هو ما أعطاه الشرع من العلم بالله ، والأول بالوجود ، والآخر بالعلم (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فالضمير يعود على الضمير الأول في (هُوَ الْأَوَّلُ) فالأمر من غيب إلى غيب ، وضمير (هُوَ الْأَوَّلُ) يعود على (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وذلك الضمير يعود على الله ، وهو الاسم ، والاسم يطلب المسمى ف (لِلَّهِ) الأول (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الآخر (هُوَ الْأَوَّلُ) الظاهر (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الباطن (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) عليم بشيئية الأعيان وشيئية الوجود ، من حيث أجناسه وأنواعه وأشخاصه.
إن الذي أظهر الأعيان لو ظهرا |
|
ما زاد حكما على الأمر الذي ظهرا |
هو الجلي الخفي في تصرفه |
|
فليس يظهر منه غير ما ظهرا |
مقدس الذات عن إدراك ما ظهرا |
|
لكنه يهب الأرواح والصورا |
فكل صورة روح عين صورته |
|
وهو الذي عيّن الأفلاك والبشرا |
من آدم خمرت يداه طينته |
|
بذاك سمي في ما قد روي بشرا |
لما أتى من وراء الستر كلمني |
|
وما رأيت له عينا ولا خبرا |
علمت أن حجابي لم يكن أحدا |
|
غيري فلم أتعب الألباب والفكرا |
فما رأيت وجود الحق في أحد |
|
إلا رأيت له في كونه أثرا |
ـ تحقيق ـ النظر العقلي يعطي أن الحق في مرتبة يتقدم فيكون له الاسم الأول ، وفي مرتبة يتأخر فيكون له الاسم الآخر ، والاسم الظاهر له أصل والباطن فرع ، فيحكم له بالأصل من نسبة خاصة ، ويحكم له بالفرع من نسبة أخرى ، وأما ما تعطيه المعرفة الذوقية فهو