(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (٥) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧)
(ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ) يسمع ما يتناجون به ، ولذلك قال لهم : (فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ) فإنه معكم أينما كنتم فيما تتناجون به ، فإنكم إليه تحشرون (وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ) وهو ما دون الثلاثة ، وهو الواحد وقد يعني الاثنين (وَلا أَكْثَرَ) وهو ما فوق الثلاثة إلى ما لا يتناهى من العدد ، وقد يعني السبعة فما فوقها من الأفراد (إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) من المراتب التي يطلبها العدد ، فإن كان واحدا فهو الثاني له لأنه معه ، ثم ما زاد على واحد ، فهو مع ذلك المجموع من غير لفظه ، فهو سبحانه معهم أينما كانوا وجودا أو عدما حيثما فرضوا ، فهو سبحانه ثان للواحد ، فإن المعية لا تصح للواحد في نفسه ، لأنها تقتضي الصحبة وأقلها اثنان ، وهو ثالث للاثنين ورابع للثلاثة وخامس للأربعة بالغا ما بلغ ، وإذا أضيفت المعية للخلق دون الحق فمعية الثاني ثاني اثنين ، ومعية الثالث للاثنين ثالث ثلاثة ، ومعية الرابع للثلاثة رابع أربعة ، بالغا ما بلغ ، لأنه عين ما هو معه في المخلوقية ، والحق ليس كمثله شيء ، لأنه ليس من جنس ما أضيف إليه بوجه من الوجوه ، فلو كان الحق ثالث ثلاثة أو رابع أربعة على ما تواطأ عليه أهل اللسان لكان من جنس الممكنات ، وهو تعالى ليس من جنس الممكنات ، فلا يقال فيه إنه واحد منها ، فهو واحد أبدا لكل كثرة وجماعة ، ولا يدخل معها في الجنس ، فهو رابع ثلاثة فهو واحد ، وخامس أربعة فهو واحد ، بالغا ما بلغت ،